قبل عقد من الزمن، كانت الأحاديث في المجالس تتمحور حول “القادم بقوة” ألا وهيوسائل التواصل الاجتماعي؛ وكان الناس آنذاك ينقسمون بين راغب في اكتشافها ورافض لها ،لكننا اليوم وفي ظل تسارع التقنية العجيب لم يعد بإمكاننا إغفال دور وسائل التواصلالاجتماعي وأنها صارت جزءاً من حياتنا، فالنادرون هم الذين لا يملكون حسابا واحداعلى الأقل في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، مما يعني تأثيرها المباشر وغير المباشرعلى الفرد والمجتمع.
ولا أعتقد أن أحدا لا يدرك إيجابيات وسلبيات هذه الوسائل أو لا يستطيع تمييز الصح منالخطأ؛ فالجميع مدركون ولكن يكمن الفرق في عمل الموازنة وتحديد الأولويات والمدىوالمسار المناسب لاستخدام تلك الوسائل ..
ومن حق الكل كذلك أن يختار ما يناسبه منها ويتحمل مسؤولية اختياره، لكننا أصبحنانرى الكثير من التناقضات، ومن ذلك تحذير الكبار للصغار من مغبة إدمان تلك الوسائل ثمنجدهم قد أدمنوها أكثر منهم ..
ومن ذلك أن الكثير يشنون هجوما لاذعا قد يصل إلى الأعراض على مشاهير التواصل، ثميكونون من أوائل متابعيهم، بل ترى أن الملايين الذين يتابعون مشهورا ما معترضون علىتصرفاته ثم لا يفوتون جديد ما ينشره فأي تناقض هذا؟
إننا اليوم في تحد جديد يتمثل بقبول (وليس تقبل) كل ما في وسائل التواصلالاجتماعي، وأعني بالقبول أن ندرك أننا لم نعد نستطيع منعها فقد تغلغلت في حياتنابكل تفاصيلها بما لا يدع مجالاً للشك فلا ينفع الانكار فقد تغيرت المعطيات وتبدلت قواعداللعبة، وهذا لا يعني بالطبع الموافقة على ما فيها إنما استثمار تلك الوسائل في إيصالرسالة أو تحقيق منفعة وهذا ما فعله الكثيرون ممن فتح الله على بصائرهم فصاروا مثالايحتذى لاستخدام الشهرة للخير والعطاء وتحقيق المنافع المباحة.
علينا اليوم أن نتعامل مع متغيرات الحياة وتسارعها وخاصة في مجال التواصل بخطابجديد مرن وليس بعقلية تقليدية عفا عليها الزمن، فالمسايرة ومحاولة توجيه المسار خيرمن قطعه ومقاومته، وإنك مهما فعلت لن تستطيع منع محادثة طفل في السعودية مع طفلفي أوروبا عبر الشاشات أو تمنع دخوله على مواقع ممنوعة، وكل ما عليك فعله هوالحوار العقلاني وأن تفهم الجيل الجديد بعقليتهم لا بعقليتك.